يعد قصر الحير الشرقي بالإضافة إلى شقيقه قصر الحير الغربي اللذين أمر ببنائهما الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك، من أبرز القصر الأموية المشيدة في بادية الشام.
ويقع قصر الحير الشرقي في وسط البادية السورية، على بعد 105 كيلومتراً إلى الشمال الشرقي من مدينة تدمر، وعلى مسافة 60 كيلومتراً جنوب مدينة الرصافة.
ويعتبر القصر مدينة كاملة مكونة من قصرين، يتخذ القصور الكبير الشكل المربع وقد بلغ طول ضلعه 170 متراً وامتد على مساحة بلغت 11200 متراً مربعاً. وقد دعمت الجدران الخارجية للقصر بالأبراج نصف الدائرية الموزعة بمعدل أربعة أبراج في الزوايا، وستة في كل جدار عدا الواجهة الرئيسية التي تقع إلى الجهة الجنوبية من القصر، إذ توسطها برجان نصف دائريان، بحيث بلغ عددها النهائي ستة وعشرين برجاً، قطر الواحد منها أربعة أمتار، ويقوم البرجان نصف الدائريين في الواجهة الرئيسية بحماية المدخل الرئيس ويحيطان بالباب والدهليز الذي يقود إلى الصحن المكشوف، والمحاط برواق من طابقين محمول على دعائم وأقواس حجرية.
نجد في القصر مجموعة من الغرف الواسعة تقع في الجهة الشرقية من القصر وتشكل طابقين سكنيين توزعت الغرف فيهما على شكل مجموعات ووحدات سكنية منفصلة وبمداخل مستقلة، بالإضافة إلى غرف الخدمة والمسجد المؤلف من ثلاثة أجنحة طولية ورابع معترض.
يتميز القصر باحتوائه على أربعة مداخل متقابلة، عرضها 3 متر، وتعلوها عوارض أفقية معشقة، وقوس ذات تشكيل مدبب وقلب مفصص، بالإضافة إلى سقاطات دفاعية لإحكام إغلاق الباب عند التعرض للهجوم. يفصل بين القصرين مئذنة مربعة الشكل، بارتفاع عشرة أمتار، وهي ذات مدخل جنوبي ودرج حلزوني دائري.
يأخذ القصر الصغير شكلاً مربعاً غير منتظم ويبلغ طول ضلعه 70 متراً وسطياً. وهو محاط بالأسوار الحجرية المدعمة باثني عشر برجاً دفاعياً نصف دائري، وموزعة بشكل يحتل أربعة منها زوايا البناء الرئيسية، واثنان في وسط كل جانب، باستثناء برجي المدخل الرئيس حيث يحيطان بالبوابة ويبلغ الفاصل بينهما 6.67 م، في حين يبلغ ارتفاع السور بما فيه حاجز السقف عند وجوده حوالي 15 متراً. يتميز القصر بمدخله الوحيد الذي تعلوه قوس حجرية علوية ذات زخارف، وسقاطة دفاع بارزة على شكل شرفة، مع فتحات سفلية لصب الزيت المغلي على المهاجمين، في حين يؤدي المدخل الرئيس إلى دهليز واسع يفصل بين الخارج والفناء الداخلي المحاط بالغرف الواسعة ذات التوزيع المستقل، وتشير التنقيبات إلى وجود طابقين سكنيين يتشابهان بتقسيمهما الداخلي. بالإضافة إلى ما سبق هناك قناة تنقل الماء من مكان بعيد جداً لتنظيم الري إلى الأراضي والبساتين للزراعة ولإقامة الفلاحين.
لقد استخدم الحجر الكلسي في بناء القصر ويعد بناؤه متأثراً بالفنون الساسانية في تشييد المباني الضخمة والقصور، ويعد من أهم الأوابد العائدة للفترة الأموية في التاريخ الإسلامي.
أكد اكتشاف بعض الترميمات وأعمال التشييد التي تم تنفيذها في القرن العاشر الميلادي «الفترة العباسية» تحويل القصر وما حوله إلى مدينة متكاملة، شيدت فيها معاصر الزيوت ومصانع الزجاج، إضافة إلى المسجد والبيوت السكنية، وتغيرت مهمة المكان من استراحة صحراوية للخليفة الأموي ليتحول إلى مدينة ذات طابع تجاري مهم.