مع سقوط المملوكي قانصوه الغوري قتيلاً في معركة مرج دابق إلى الشمال الغربي من حلب سنة 922هـ/1516م انهزم المماليك أمام الجيش العثماني الذي يقوده السلطان سليم الأول، وأصبحت سورية منذ هذا التاريخ تحت النفوذ العثماني.
تُعزى هزيمة المماليك في هذه المعركة إلى استخدام العثمانيين للسلاح الناري اليدوي، وإلى انضمام عدد من القطعات العسكرية المملوكية للطرف الآخر، وإلى خيانة أو تقاعس بعض ولاتهم كخاير بك والي حلب، وجانبرد الغزالي والي دمشق وغيرهما.
دخل السلطان سليم الأول مدينة حلب بعد معركة مرج دابق بأيام قلائل، فخُطب له في مساجدها ولُقِّب بخادم الحرمين الشريفين، وكان برفقته الخليفة العباسي المتوكل على الله الذي انضم إليه بعد أن كان إلى جانب الغوري. ثم تابع زحفه جنوباً فاحتل مدينة حماة وحمص ودمشق وباقي مدن بلاد الشام في العام نفسه، كما احتل مصر في مطلع عام 923هـ/1517م وقضى نهائياً على دولة المماليك.
صارت سورية منذ أواخر سنة 922هـ/1516م تحت الحكم العثماني يحكمها ولاة تعاقبوا عليها خلال فترة استمرت حوالي 400 سنة حتى زمن الثورة العربية الكبرى سنة 1336هـ/1918م.
ترك العهد العثماني في سورية بصمات عمرانية كبيرة في دمشق وحلب وغالبية المدن الأخرى كـالتكية السليمانية وقصر العظم وجامع الدرويشية والسنانية.
قصر العظم بدمشق
الثقافة والحضارة العثمانية:
خلفت الإمبراطورية العثمانية وراءها تراثاً عريقاً وعظيماً من الثقافة والحضارة، كما أنها حافظت على القيم الثقافية والفنية والعلمية العائدة للأقوام ما قبلها التركي منها وغير التركية، وساهمت بقسط كبير في تاريخ الحضارات، وابتكرت الإمبراطورية أروع الآثار والمعالم في العمارة والمشغولات الخشبية والنحت الحجري والفخار والنقوش والمنمنمات والخط والتجليد.
والإمبراطورية التي وضعت ثقلها على السياسة الدولية لقرون طويلة، عاملت مواطنيها من شتى الأديان واللغات والأعراق، والمتوزعين على جغرافية شاسعة، بروح التسامح والعدل، وأتاحت للأقوام المنضوية تحت لوائها فرص الحفاظ على لغاتها وثقافاتها بما حققت جواً سادت فيه حرية الوجدان والعقيدة.==